مدى انسجام الركن الشكلي في عقد رهن العقار مع قواعد "القبض" في الفقه الإسلامي: دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي
الكلمات المفتاحية:
الفقه الإسلاميالملخص
من المعلوم أنَّ عقد رهن العقار في القوانين الحديثة لا ينعقد إلا بكتابة عقد الرهن وتوثيقه من قِبَل موظف عام. فكتابة عقد رهن العقار وتوثيقه له دور أساسي بعقد الرهن الرسمي أو التأميني. وهذا على خلاف الرهن الحيازي الذي يقع عادةً دون كتابة ودون توثيق، لكنه يستلزم نقل حيازة الشيء المرهون من الراهن إلى المرتهن. وهذا النوع –كما هو معلوم- لا يقع على عقار، بل على منقول. غيرَ أنَّ الفقه الإسلامي لم يُفرِّق بين العقار والمنقول في نقل الحيازة، فأوجب نقل الحيازة - وهو ما يُعرف بـ"القبض"- من الراهن إلى المرتهن سواء كان الشيء المرهون منقولاً أو عقاراً. فنَظَّم الفقه الإسلامي القواعد التي يتم فيها قبض الشيء المرهون من الراهن إلى المرتهن، وبيَّنَ كيف يتم القبض في المنقول وكيف يتم القبض في العقار. كما وضع مجموعة من القواعد والآثار التي تترتب على هذا القبض. إلا أنَّ الفقه الإسلامي عند تنظيمه لرهن العقار لم يُنظِّم الشكلية في هذا العقد، وذلك اكتفاءً منه بتنظيم القبض. فلا يوجب الفقه كتابة عقد رهن العقار، ولا يوجب أيضاً توثيقه من قِبَل الموظف العام، وإنَّما جعل القبض نفسه أداةً للتوثيق. تأتي هذه الدراسة لتبيِّن مدى انسجام الشكل الذي تتطلَّبه القوانين الحديثة مع قواعد القبض التي نظمها الفقه الإسلامي. فهي تناقش إمكانية استبدال "القبض" بالتوثيق الكتابي في الفقه الإسلامي. وخَلُصت الدراسة بنتيجة مهمة مفادها أن التوثيق الكتابي في التشريع الإسلامي هو الأصل، والرهن استثناءً من هذا الأصل. كما خلُصت الدراسة إلى أنَّ القبض في التشريع الإسلامي لا يقع إلا على المنقول، فهو لا يقع على عقار. وهذه النتيجة جاءَت على خلاف ما جاء به الفقهاء المسلمون السابقون، أي أنَّ هذا البحث خالَفَهم في موضوع قبض العقار (تخليته)، وقد بُنيت هذه المخالفة على منهجية بحثية علمية سليمة، إذ اعتمد الباحث في منهجيته على المنهج التحليلي، فتمَّ جمع كل ما هو متعلق بالبحث من آيات قرآنية وأحاديث شريفة وآراء فقهية، ثم تم َّ تحليلها والوصول إلى النتيجة المذكورة.